الاثنين، 22 يوليو 2013

Helen Thomas‏ هيلين توماس


هيلين توماس المعتزة بأصلها اللبناني رحلت بعدما حطّمت الحواجز و”عذّبت” الرؤساء

 

 





بعد صراع طويل مع المرض، رحلت هيلين توماس، عميدة الصحافيين في البيت الابيض لعقود طويلة، والرائدة التي حطمت الحواجز التمييزية التي وضعت امام المرأة، ومعذبة الرؤساء الاميركيين والناطقين باسمهم، قبل اشهر من اقترابها من ميلادها الثالث والتسعين. هيلين توماس، ابنة جورج انطونيوس الطرابلسي الامي الذي هاجر الى اميركا في 1892 عندما كان في السابعة عشرة من عمره، ملأت دنيا السياسيين في واشنطن وشغلت رؤوس المسؤولين في البيت الابيض واقلقتهم عندما حولت مهنة طرح الاسئلة الى ما يشبه استجواب او استنطاق المسؤولين، وخصوصاً عندما كانت تستشف محاولات اخفاء الحقائق او تضليل الرأي العام. مبارزات توماس مع الرؤساء كانت احيانا دموية، ولا سيما مع الرئيس جورج بوش الابن، الذي كانت تستمتع باحراجه، والذي وصفته بانه “أسوأ رئيس في تاريخ أميركا”.
يرتبط اسم هيلين توماس دائما بعبارة “أول امرأة”. فهي كانت اول امرأة تعينها وكالة انباء رئيسية (يونايتد برس انترناشونال) مديرة لمكتبها في البيت الابيض في 1974، وكانت أول امرأة ترأس جمعية الصحافيين في البيت الابيض، واول امرأة تعلن انتهاء المؤتمرات الصحافية للرؤساء، واول امرأة ترأس نادي الصحافة الوطني، والمرأة الوحيدة التي كانت في الوفد الصحافي الذي رافق الرئيس ريتشارد نيكسون في رحلته التاريخية الى الصين في 1972. وخلال سنواتها الطويلة عميدة للصحافيين في البيت الابيض كانت توماس تطرح السؤال الاول، وعادة الاصعب، على الرئيس الاميركي. في 1959، عندما كان الرجال يهيمنون على مهنة الصحافة، كادت توماس أن تتسبب بفضيحة عندما اصرت على انتهاك قيود نادي الصحافة الذي كان يمنع النساء من المشاركة في نشاطاته لأنها ارادت حضور خطاب الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف الشهير والذي هدد فيه الغرب قائلا ” سوف نحفر قبوركم”. وحفلت مذكرات توماس بعنوان “الصف الاول في البيت الابيض” بقصص غنية عن علاقاتها المعقدة مع الرؤساء الذين غطتهم بدءا من ولاية جون ف. كينيدي.
كانت هيلين توماس مصدر اعتزاز لجيلي من المراسلين العرب الذين غطوا البيت الابيض، وكانت دائما تشجعنا على التميز. عندما قلت لها انني عكاري من القبيات القريبة من طرابلس، ضحكت وقالت: “والدي كان دائما يحدثني عن عصامية وصلابة اهل طرابلس والشمال…”، وأضافت “تذكر دائما انك تعيش الآن في بلد عظيم، وتستطيع بجهدك ان تحقق كل ما تصبو اليه…”.
هيلين توماس كانت تعتز بأصلها اللبناني، وتقول ان والدها وامها اللبنانيين هما أكثر من اثر على حياتها، وكان لها تعاطف عميق مع قضايا العرب ولا سيما القضية الفلسطينية، وان ابقت هذا التعاطف لنفسها لوقت طويل، وكانت تتفادى التعليق على هذه المسائل خلال معظم خدمتها في البيت الابيض، ولكنها بدأت بتغيير موقفها في الفترة الاخيرة من حياتها المهنية، وخصوصاً بعد غزو العراق، عندما صارت اسئلتها تبدو كتعليقات وانتقادات لاذعة اكثرر مما بدت كأسئلة قوية.
عندما تعرفت عليها خلال عهد الرئيس رونالد ريغان، كانت تشعر بمرارة من الغزو الاسرائيلي للبنان وموقف ريغان العلني منه، وشاركت مشاعرها معي ومع غيري، ولكنها رفضت طلباتي المتكررة لمناقشة انطباعاتها او تقويمها للسياسة الاميركية في المنطقة في مقابلة للنشر. ولا شك في ان مشاعر المرارة لدى توماس ارتفعت الى مستويات غير معهودة خلال عهد جورج بوش الابن بسبب غزو العراق وموقفه المؤيد لاسرائيل. وفي آذار 2005 حدثت مواجهة نابية بين توماس وبوش حين قالت له: “غزوك للعراق تسبب بمقتل آلاف الاميركيين والعراقيين” وبعدما أضافت ان كل حججه لتبرير الغزو كانت خاطئة، سألت “ما هو السبب الحقيقي لشن الحرب؟”. وعندما حاول بوش الاجابة، قاطعته بحدة قائلة “لم يفعلوا أي شيء ضدك او ضد بلدنا”. ويبدو أنها أزعجت بوش الى درجة انه لم يعرف عن أي حرب يتحدث حين اجابها “نعم فعلوا ذلك، لأن الطالبان وفروا الملجأ للقاعدة”، ولكن توماس قاطعته بازدراء واضح “انا اتحدث عن العراق”.

غير أن سجل توماس المهني الناصع، تعرض للتشويه على يدها خلال ايامها الاخيرة كصحافية في 2010 حين قالت انه على الاسرائيليين “ان يرحلوا من فلسطين، وان يعودوا الى اوطانهم” الاصلية في المانيا وبولونيا والولايات المتحدة. وتعرضت توماس لانتقادات قاسية من البيت الابيض ومن زملائها واصدقائها الصحافيين ومن المنظمات اليهودية وغيرها من الجمعيات اذ فسر كلامها على انه دعوة لطرد الاسرائيليين. وبعد ايام من التصريح، اعلنت توماس تقاعدها من آخر وظيفة لها كمعلقة في مؤسسة “هيرست” للصحافة، واصدرت بيانا اعربت فيه عن اسفها العميق لتصريحها الذي اكدت انه “لا يعكس حقيقة ما اشعر به بالفعل، من ان السلام سيأتي الى الشرق الاوسط عندما تعترف فيه كل الاطراف بحاجة كل منهم للاحترام والتسامح، وآمل ان يأتي هذا اليوم قريبا”.





هذه الصحفية والمراسلة من البيت الابيض لعشرات السنين..قالت كلمة حق في آخر حياتها حينما سئلت عن دولة اسرائيل وكانت في حفل أقامه اوباما في البيت الابيض:

Reporter: Iam asking every body today, Any comment on Israel….

الصحفي: أنا اليوم أسأل الكل عن (اسرائيل)..أي تعليق على اسرائيل؟

Helen: Tell them to get the hell out of Palastine.

هلين: قل لهم ليغربوا وجوههم ويخرجوا من فلسطين.

Reporter: Ooooooo any better comment than that?

الصحفي: أووووووووو اليس لك تعليق أفضل؟

Helen: Remember these people are occupied and it is their land, it is not Germany not Poland.

هلين: تذكر هؤلاء الناس (فلسطينيين) يعيشون تحت الاحتلال وهي أرضهم، وليست المانيا ولا بولندا.

Reporter: Where should they go?

الصحفي: الى أين يذهبون (اليهود)؟

Helen: They go home.

هلين: ليذهبوا الى بلادهم.

Reporter: Where is home?

الصحفي: أين هي بلادهم؟

Helen: Poland..Germany.

هلين: بولندا، ألمانيا.

Reporter: So you think Jews should go Poland and Germany?

الصحفي: يعني تعتقدين ان اليهود يجب عليهم المغادرة الى بولندا وألمانيا؟

Helen: And America and every where else..

هلين: و(ايضا) أميركا وأماكن اخرى؟
 

ولكن كبوة توماس الاخيرة، لن تمحو انجازاتها الغنية، وحياتها كنموذج للصحافي المسؤول والمهني والشجاع الذي يسائل السلطة ولا يخافها. وداعا هيلين توماس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق